هل تنتهي الحرب الروسية الأوكرانيه قريبا ؟؟
هل تنتهي الحرب قريبا ؟؟ تسؤال يجول في أذهان كل المهتمين والمتضرريين من الحرب الروسية الأوكرانيه وسط مخاوف من خطر تحول الحرب إلى نزاع طويل يمتد لسنوات مقبلة، ولا يكمن السبب في بطء التقدم على الجبهة، لأن أياً من اللاعبين الأساسيين ليست لديهم أهداف سياسية واضحة وقابلة للتحقق.
وفي هذا السياق فقد أكد ماركوس والكر الكاتب في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن الهدف المركزي لأوكرانيا -استعادة وحدة أراضيها- هو الأوضح، لكن ذلك يبدو احتمالاً بعيد المنال نظراً إلى حدود الدعم الغربي ، وتريد الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيون الأساسيون مثل ألمانيا منع روسيا من الفوز، لكنهم يخشون التكاليف والمخاطر الناجمة عن مساعدة أوكرانيا من أجل تحقيق انتصار كامل، ويرسم بعض المسؤولين الغربيين صفقات كبرى لوضع حد للحرب، لكنها لا تناسب كييف ولا أهداف موسكو.
وأضاف " تبدو الأهداف المعلنة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين هي الأكثر مرونة وتتراوح بين الخطط الإمبريالية الطموحة، إلى السيطرة على أجزاء محدودة من الأرض، وتتبدل وفقاً لما تمتلكه القوات المسلحة الروسية من مصادر.. وهدف بوتين المزمن بإعادة أوكرانيا إلى سيطرة موسكو يبدو غير واقعي الآن، لكن الأوكرانيين يعتقدون بأنه سيتعامل مع المكاسب الصغيرة وكأنها مجرد خطوات، ما يؤدي إلى زعزعة أي سلام قائم على التنازلات.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد صرح أن هدف الولايات المتحدة، هو جعل أوكرانيا في أقوى موقع ممكن للدخول في مفاوضات سلام في نهاية المطاف، من دون أن يوضح الظروف التي يتعين فيها على كييف التفاوض.. وفي وقت سابق من العام الجاري، أمِلت واشنطن وبرلين وآخرون في إيجاد فرصة لبدء مفاوضات هذا الخريف، لو كان الهجوم الأوكراني المضاد حقق مكاسب مهمة
لكن خلال الحرب، كان تزويد أوكرانيا بقوة نارية حاسمة يصطدم بأولوية غالبة لدى الغرب، وهي تجنب تصعيد غير مضبوط، من الممكن أن يؤدي إلى حرب مباشرة مع روسيا، أو يدفع بوتين إلى استخدام الأسلحة النووية ، وكان الحد من سرعة تسليم المساعدة لأوكرانيا واضحاً في النقاشات، التي دارت في الغرب لأشهر حول ما إذا كان يجب تقديم دبابات وطائرات وصواريخ بعيدة المدى.
وكانت محدودية التسلح الأوكراني، بما في ذلك القوة الجوية والدفاع الجوي، ساهمت في تكبيد الأوكرانيين خسائر فادحة خلال الحرب، وأدت إلى البطء المؤلم هذا الصيف في مواجهة الخطوط الروسية المحصنة في منطقتي زابوريجيا ودونيتسك، كما أن تقويمات الاستخبارات الأمريكية تبدي تشاؤماً الآن فيما يتعلق بقدرة الأوكرانيين على اختراق الدفاعات الروسية والوصول إلى الساحل، وهو الهدف الإستراتيجي لكييف.
ومن دون تحقيق اختراق في الميدان، لا تريد كييف التفاوض على السلام، ولا يتعين على موسكو أن تفعل، من ناحيتها قالت رئيسة المركز الأوروبي للتحليل السياسي في واشنطن ألينا بولياكوفا إنه "من خلال بناء مقاربتنا على هدف عدم التصعيد، وحول ما لا نريد أن يحدث، فإن الولايات المتحدة أعدت نفسها لنزاع طويل الأمد.. وانتهت في موقع وسط غريب، حيث أنها ليست بالضرورة قادرة على إنجاز الهدف الثاني بوضع أوكرانيا في موقع القوة الذي يجعل التفاوض ممكناً".
واتضح التخبط في الأهداف الغربية الأسبوع الماضي عندما تحدث مسؤول بارز في حلف شمال الأطلسي علناً، عن فكرة يتداول بها ديبلوماسيون أوروبيون تقوم على تخلي أوكرانيا عن الأراضي التي تحتلها روسيا، في مقابل ضم ما تبقى من أراض إلى الناتو.. وتسبب الاقتراح برفض غاضب من أوكرانيا، التي قالت إن الحدود ليست للمقايضة.. واعتذر المسؤول الأطلسي، مكرراً الموقف الغربي المعلن من أن أوكرانيا وحدها هي من يحق لها تعريف شروط السلام المقبول.
وفي المجالس الخاصة، لا يعتقد مسؤولون غربيون أن الولايات المتحدة وحلفاءها يمكن أن يتركوا لأوكرانيا وحدها تعريف هذا الهدف، وهم يخشون أن المطالب الأوكرانية القصوى، تضمن حرباً لا نهاية لها.. كما أنهم يرغبون في عرض جزرة على أوكرانيا كي تقبل بخسارة الأمر الواقع لبعض الأراضي، على غرار الحصول على عضوية في الناتو والاتحاد الأوروبي أو وعود بمساعدة عسكرية واقتصادية طويلة الأمد.
إن هذا التفكير ينبع من الحماس لاحتواء نزاع يشعر بتردداته في أنحاء الاقتصاد العالمي، وبشكوك حول المدى الذي سيدعم فيه الناخبون الغربيون المستويات الحالية من المساعدات لكييف، وعدم التصديق بأن أوكرانيا في إمكانها طرد القوات الروسية بالكامل.
وكتب المفكر البروسي كارل فون كلاسفيتز قولاً شهيراً مفاده "إن الحرب هي مجرد استمرار للسياسة بطرق أخرى"، مشدداً على أن القوة العسكرية هي أداة لتحقيق الهدف السياسي، وبعض الحروب الفاشلة نجمت عن عدم وجود هدف سياسي قابل للتحقق، أكثر من معارك خاسرة، بحيث أضحت الحملات تعتبر مستنزفة وعديمة الجدوى.. والأمثلة الحديثة تتضمن الفشلين السوفييتي والأمريكي في أفغانستان والهزيمة الأمريكية في فيتنام.
وتجد روسيا نفسها الآن في مستنقع مكلف بلا هدف واضح، وهي تدير فكرة كلاوسفيتز في رأسها.. إن الهجوم الشامل الذي أطلق في أوائل 2022 كان يهدف إلى تنصيب نظام موالٍ لموسكو في أوكرانيا، مدعوماً بفكرة أن الروس والأوكرانيين شعب واحد، وعندما أرغمت المقاومة الشرسة روسيا على التراجع، قلص الكرملين الهدف إلى غزو منطقة دونباس في شرق أوكرانيا.
وبعد سلسلة من النكسات العسكرية، أعلنت روسيا ضم أربع مناطق أوكرانية في الشرق والجنوب، وهي لا تسيطر على أي منها سيطرة كاملة.
لكن روسيا تحاول أيضاً التقدم في منطقة خاركيف في الشمال الشرقي، متجاوزة تمسكها بالأراضي.. ويواصل مسؤولون بارزون في الكرملين القول إنهم يريدون تفكيك الدولة الأوكرانية.